حوار مع الرشد

من طرف saliha الخميس أكتوبر 04, 2012 9:03 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

حوار مع الرشد

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

منذ أمد وأنا دائمة التفكير والحيرة في واقعنا الذي أضحى همَّ كل شاعر بالمسؤولية والأمانة التي كُلّف بها من قِبل العليّ القدير. شاءت الأقدار أن ألتقي به في قاعة المحاضرات بمعهد المناهج، فلفت نظري.. كان قلِقًا، وتعلو وجهه الحيرة.

سألته: من أنت؟ فأجاب بكثير من الأسى والقلق: أنا الرشد. ـ أنت الرشد؟.. وما الرشد؟ ـ الرشد مرحلة من مراحل النضج العقلي، ودرجة من درجات النضج الفكري.

ـ يا محاسن الصدف! لطالما بحثت عنك ...
فقاطعني قبل أن أنهي قائلا: الصدفة؟ لا أظن أن في هذا الكون البالغ التناسق شيء يسمى الصدفة، أتراه كذلك؟ قلت:

إذًا ما هو؟ أجاب: بل هو ذاتية اتباع الأسباب.
ـ وما هي ذاتية اتباع الأسباب؟!

ـ هي مهارة يستطيع أن يكتسبها كل من سعى لها؛ بمعنى "من جدَّ وجد ومن زرع حصد". ذاتية الحركة؛ أي كل حركة كانت طاقتها ذاتية أي من نفس الجسم؛ دامت بدوامه وانتهت بانتهائه، مصداقا لقول الله تعالى:

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" [الرعد: 11]،

أي أن هذه قوانين كونية خلقها الله، فباتخاذ الأسباب يتم السير وفق النّسَق الكوني، مما يحقق التناغم الكوني، وعدم الصدام مع الموازين الإلهية.

ـ وكيف يتحقق كل هذا؟ أجاب بكل ثقة: كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول في دعائه: "اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا...".

فإن العلم بدون عمل بمثابة الرأس بدون جسد والعكس صحيح. إن الفكر إذا لم يثمر فعلا فإنه عمل ناقص لم يكتمل بعد، فأي نية بقيت في مستوى الفكر هي غثاء كغثاء السيل.

ثم رفع رأسه ونظر إليّ سائلا: ترى ما خبر الفكر والفعل في واقعكم؟

نظرت إلى الأرض خجلا منه وأسفا على واقعنا الذي يترامى بين الأرجل مثل الكرة، فأجبت: لكل منهما شأن يغنيه؛ أهل الفكر يفكرون ويبحثون وينظِّرون، أما الفعل فإما غير موجود، وإذا وجد فهو ضرير وبدون دليل.

خير مثال لذلك ما شاهدته يوم التقيت مع أطفال يخرجون من المدرسة بعد الانتهاء من درس المحافظة على البيئة، وفي أيدي كل واحد منهم حبة فاكهة، فأخذوا يرمون بالقشور غير آبهين بشذوذ هذا الفعل المتناقض مع الدرس. السؤال المطروح: ما هي الحلقة المفقودة بين الفكر والفعل التي أدت إلى هذه المفارقات؟؟

تنهّد قائلا: إن أي بذرة لا تجد المناخ الملائم فإن مآلها الفناء قبل أن ترى النور، كذلك المعلومة، إذا لم تجد المناخ المناسب لتصبح سلوكا فسوف تبقى حبيسة الأوراق والرفوف.

ـ ترى ما هي أسباب الوصول إلى درجة الرشد؟

ـ يقول جل وعلى: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون" [فصلت: 30]، إن الرشد لا ينال إلا بإخلاص النية لله، وبالجهد والمجاهدة، والصبر والمصابرة.

يقول الله عز وجل: "فمن اتبع هدايَ فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ..." [طه: 123-124].

اللهم أعوذ بك من علم لا ينفع، ودعاء لا يُسمع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* جاء هذا العمل في إطار الحلقات الفكرية المعرفية: "الفهم، الوعي، العمل" التي جرت بمعهد المناهج.
الخميس, 13 سبتمبر 2012 23:38 فاطمة الزهراء ألجون

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من طرف **touati** السبت أكتوبر 13, 2012 7:33 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من طرف saliha الإثنين أكتوبر 15, 2012 3:14 pm

اسعدني مرورك العطر

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

حوار مع الرشد

حوار مع الرشد

رد: حوار مع الرشد

رد: حوار مع الرشد